- عمار علي حسن : ترحيلهم إلى مصر يحكمه لعبة المصالح
- حسن نافعة: تهم ملفقة تسيء إلى سمعة مصر الدولية
قضية توقيف محمد محسوب وزير الشؤون البرلمانية في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، وتوقيف الفنان هشام عبد الله في تركيا لم تكن أي منهما الواقعة الأولى ولن تكون فيما يبدو الأخيرة.
بداية خاطفة كزمن قضية محسوب التي أثيرت في الثاني من أغسطس الحالي٬ وفي ساعات معدودة لم يجن فاعلوها أو مفتعلوها سوى الضجيج الإعلامي٬ وقضية هشام عبدالله التي بدأت أمس وتوشك على الانتهاء بالإفراج عنه على ما يبدو. لكن القضيتين وبلا شك فتحتا بابا للنقاش بين الخاصة والعامة٬ فلماذا الملاحقات ولماذا ترضخ دول لمطالب السلطات المصرية وترفض غيرها ولماذا يتعرض البعض للقبض والترحيل في حين يعود الآخر معززا مكرما لمحل اقامته؟
في البداية يؤكد أستاذ الاجتماع السياسي في جامعة القاهرة، عمار علي حسن، أن ما حدث من ملاحقة لمحمد محسوب في إيطاليا أمر طبيعي خاصة أنه مطلوب على ذمة قضايا تتعلق بما حدث في أعقاب عزل الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسى.
يقول: بالعودة لتصريحات رئيس الجمهورية في أحد المؤتمرات أعرب عن استفزازه من ممارسات إعلام الإخوان ومن الشخصيات التي تتحرك بكل سهولة أوربيًا دون عائق٬ وقال الرئيس صراحة: "نحن سنحضرهم"٬ وأتصور أن التوقيف الأخير جزء من حراك تقوده الخارجية المصرية٬ والقضاء٬ والداخلية والانتربول .
وأوضح عمار أن لعبة المصالح هي المعيار الحقيقي لتسليم المطلوبين للحكومة المصرية، فبعض الدول وليس كلها التي تحكمها مصالح سياسية واقتصادية مع مصر هي فقط من يمكنها تسليمهم وهناك أيضًا دولًا أوربية يمكن أن تمتثل لمطالب الحكومة وفقا لمصالحها الاقتصادية مع مصر٬ غير أن هناك دولا أخرى تمنع قوانينها تسليم مواطنين دولة ينفذ فيها حكم الإعدام.
وتوقع عمار أن تشهد الفترة المقبلة حملة مكثفة للملاحقين قضائيًا، (وهو ماتحقق بتوقيف هشام عبد الله) خاصة الذين لا يحملون جنسية دولة أجنبية٬ أو ليس لديهم غطاء سياسي أو اقتصادي يحميهم٬ فهم بطبيعة الحال "صيد سهل" للإنتربول.
وعلق أستاذ العلوم السياسية، حسن نافعة، عبر حسابه الشخصي بموقع "تويتر": رفضت إيطاليا كما توقعت تسليم الدكتور محسوب للسلطات المصرية لأن التهم المنسوبة إليه ليست فقط ملفقة وإنما مضحكة أيضا. متى تدرك أجهزة الأمن أن تلفيق التهم للمعارضين السياسيين لا يحقق الأمن لمصر وإنما يشوه سمعتها ويعرضها للابتزاز من جانب القوى الخارجية؟ نريد أجهزة أمن مهنية لا سياسية".
من جهته، رأي الناشط الحقوقي جمال عيد أن ما حدث في مجمله انتصار للعدالة: وقال عبر حسابه في تويتر:مع كل ملاحظاتنا على الحكومة الايطالية، فالقضاء قضاء، ومن ثم تم الافراج عن محمد محسوب، ويبقى في ايطاليا، ولا عزاء لمن غلبت كراهيتهم انسانيتهم.
يحمل محمد محسوب جواز سفر إيطالي، الامر الذي مكنه من التنقل منذ 2013 بين دول أوربا بحكم جنسيته٬ ويقيم بشكل شبه دائم في فرنسا٬ وقبل إلقاء القبض عليه في إيطاليا كان متواجدا في العاصمة باريس لفترة٬ وفي صباح الثاني من أغسطس نشر تغريدة قصيرة يقول فيها السلطات الإيطالية تحتجزني لأسباب غير معروفة٬ وبدأت تنتشر الشائعات٬ خاصة مع سحب السلطات الإيطالية لأجهزته النقالة أثناء إجراء التحقيقات٬ وانطلق المهللون بإدانته وأهمية تحقيق العدالة والقبض عليه وتسليمه للسلطات المصرية؛ لتنفيذ الأحكام الصادرة بحقه٬ وبين المعارضين الذين رأوا أن هذه الأحكام ما هي إلا مكايدات للإيقاع برجال الحكم السابق خاصة من الإخوان.
وكانت محكمة مصرية قد أصدرت حكما في أبريل 2015 بالحبس غيابيا ثلاث سنوات بحق محسوب بتهمة النصب على مستثمر سعودي. كما صدر ضده حكم غيابي آخر بالحبس ثلاث سنوات في ديسمبر من العام الماضي بتهمة إهانة القضاء٬ وخاطبت السلطات المصرية الإنتربول لإدراجه على القائمة الحمراء، الأمر الذي استجابت له الشرطة الدولية، وأدرجت اسمه على القائمة.
بعد انتشار خبر القبض عليه٬ سرعان ما تم الافراج عنه٬ ومن بين أسباب عدم تسليم "محسوب" لمصر أن الدستور الإيطالي يحظر، حسب المادتين 26 و10 تسليم المُدانين إلى دول تطبّق عقوبة الإعدام٬ بالإضافة إلى أنه يحمل الجنسية الإيطالية.
وصرح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن السفارة المصرية في روما تلقت إخطاراً شفهياً من قبل السلطات الإيطالية، بأنها ألقت القبض "على المتهم الإخواني الهارب محمد محسوب، وذلك بناء على طلب الجهات القضائية المصرية المختصة من الإنتربول الدولي وتعميم مذكرة للقبض على المتهم في كافة الدول. وتضمن الإخطار أن السلطات الإيطالية تدرس حاليا الوضع القانوني للمتهم في ظل تمتعه بجنسية أجنبية بجانب الجنسية المصرية."
وكشف أبو زيد عن أن "السفارة المصرية في روما تلقت اتصالا لاحقا من الخارجية الإيطالية، يفيد بأن المتهم قد تم الإفراج عنه".
كان لجماعة الإخوان دور في إطلاق سراح محسوب، حيث أصدرت بيانًا ناشدت فيه السلطات الإيطالية الافراج عنه. كما أطلقت نداءات استغاثة للمنظمات والجمعيات الحقوقية الدولية المعنية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي التي تعد إيطاليا عضوًا فيها، وطالبتهم بالتحرك لكي توقف السلطات الإيطالية اجراءات الترحيل.